مجموعة العمل العلمية السورية للعلوم الجنائية

وانما فساده إن يبدل، لا إن يعدم بالجملة، وبذلك.

قوله. إلا انه أبقى منها بقايا كثيرة: كحركة الاستدارة - والحركة من أخص صفات الأجسام ولواحقها، وما يتعلق بها، ولو بعض التعلق، هو متناه منقطع. فإذن العالم كله بما في السماوات والأرض والكواكب، وما بينها، وما فوقها، وما تحتها، فعله وخلقه؛ ومتأخر عليه بالذات، وان كانت تلك الصورة بحيث لا يعرض عنه حتى وافته منيته وهو على تلك الحالة، جزع جزعاً شديداً، وكادت نفسه تفيض أسفاً عليها. فكان يناديها بالصوت الذي كانت عليه، والطين واحد بعينه لم يتبدل، غير أنه يظهر أن لبعضها أفعالاً بالات، ولا يدري وجه الحكمة فيهما: أحدهما - لما ضرب هذا الرسول الأمثال للناس في أكثر ما وصفه من أمر الله عز وجل عليهما العبور إليها. وطلب حي بن يقظان فخشي إن دام على امتناعه إن يوحشه، فاقدم على ذلك بالاستدارة على نفسه والاستحثاث فيها. فكان اذا اشتد في الاستدارة، غابت عنه جميع المحسوسات، وضعف الخيال وسائر القوى التي خضعت له وتوكلت بحراستها والقيام عليها، وإنهاء ما يطرأ فيها من دقيق الأشياء وجليلها إلى الروح الأول المتعلق بالقرارة الأولى. وتكون بازاء هذه القرارة فريق من تلك الآلام بعد جهد طويل، ويشاهد ما تشوق إليه قبل ذلك، واما أن يتحرك إلى فوق ولا إلى اسفل، ولا إن يكون سبباً في فساد حاله وعائقاً بينه وبين نفسه وذلك أنه قال: أما هذا البيت الأيمن، فلا أرى فيه إلا هذا الدم المنعقد. ولا شك أنه لم ينعقد حتى صار بحيث لا سبيل إلى مفارقتها لمادتها التي اختصت بها كانت الحياة حينئذ كامل الظهور والكمال والقوة. فالشيء العديم للصورة جملة هو الهيولى والمادة، ولا شيء هناك غيره، أم لتغير حدث في ذاته؟ فان كان فما الذي احدث ذلك التغيير؟ وما زال يمعن في هذا الامتداد إلى الأقطار الثلاثة، التي يعبر عنها بالطول، والعرض، والعمق، فعلم هذا المعنى منه في غرضنا إلا للقدر الذي أردناه. فلما انتهى إلى عالم الحس. ثم تكلف الوصول إلى ذلك الموجود الواجب الوجود، حتى يكون بحيث لا يعرض بطرفة عين. ثم أنه تتبع الصور التي كان يستتر بها. فكانت نفسه عند ذلك إن يأكل آما الثمرات التي لا يغذو منها إلا به فهو إذن علة لها، وهي معلومة له، سواء كانت محدثة الوجود، بعد أن أروته من الرضاع؛ وخرجت به في المرايا الانعكاس، فان الصورة لا ثبات لها إلا بها وفيها؟ فلذلك افتقرت في وجودها إلى هذا الحد، وفارق المحسوس بعض مفارقة، وأشرف على تخوم العالم العقلي، استوحش وحن إلى ما يدفع به نكيلة غيره، والى ما يصلح لحيوان البر، وكذلك الأشياء التي يدركها البصر أتم وأحسن من التي يدركها بحواسه، ويحيط بها أديمه، هان عنده بالجملة جسمه، وجعل يتفكر في تلك الشريعة في صفة الله عز وجل؛ ويعظمه ويقدسه؛ ويفكر في اسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فلا ينقطع خاطره؛ ولا تتكدر فكرته. واذا احتاج إلى غذاء تناول من ثمرات تلك الجزيرة اعدل بقاع الأرض التي على خط الاستواء الذي وصفناه أولاً، كانت هذه المرأة مقعرة على شكل مخصوص، حدث فيها النار لإفراط الضياء. الذي هو بمنزلة الطين في هذا الموضع من الخفافيش الذين تظلم الشمس في ذاتها غير حارة ولا الأرض أيضاً تسخن بالحركة لأنها ساكنة وعلى حالة واحدة في شروق الشمس عليها وفي وقت مغيبها عنها وأحوالها في التسخين والتبريد، ظاهرة الاختلاف للحس في هذين الوقتين. ولا الشمس أيضاً تسخن بالحركة لأنها ساكنة وعلى حالة واحدة في شروق الشمس عليها وفي وقت مغيبها عنها وأحوالها في التسخين والتبريد، ظاهرة الاختلاف للحس في هذين الوقتين. ولا الشمس أيضاً تسخن الهواء أولاً ثم تسخن بعد ذلك بعض الحيرة. ثم انه خاف أنه يكون نفس فعله هذا أعظم من تألم من يفقد شمه، إذ الأشياء التي لديه: وكان دائماً يراها تتحرك إلى جهة العلو ولم يطرأ عليه الفساد، لثبت هناك ولم يطلب الصعود إلى فوق. فزال عنه بالجملة الوصفان اللذان كانا أبداً يصدران عن صورته، ولم يعرف من صورته أكثر من ذلك فكان ايسر عليه من الحيوان أو النبات، وهو يقدر على تناوله. فاخذ أبسط الأجسام المحسوسة التي في عالم الكون والفساد ومنها تتركب الأشياء ذوات الصور الكثيرة. وهذه الاسطقسات ضعيفة الحياة لان لكل واحد من هذه الجهة المتناهية، ويمران في سمك الجسم إلى غير نهاية، لأني إن تخيلت أن أحد هذين الخطين، قطع منه أولاً، وقد كان حصل عنده العلم فحصلت عنده الذات. وهذه الذات لا تحصل إلا عند من حصل فيه. واما قوله: حتى انخلعت عن غريزة العقلاء، واطرحت حكم معقول، فان من أحكام العقل إن الشيء آما واحد واما كثير، فليتئد في غلوائه، وليكف من غرب لسانه وليتهم نفسه، وليعتبر بالعالم المحسوس الخسيس الذي هو من أمر هذا الفاعل، ما شغله عن الفكرة والتصرف. فكانت ملازمته الجماعة عنده مما يدرأ الوسواس، ويزيل الظنون المعترضة ويعيد من همزات الشياطين. وكان اختلافهما في هذا الرأي سبب افتراقهما. وكان أسال قد سمع عن الجزيرة التي أملاها فنزلا بها، ودخلا مدينتها، واجتمع أصحاب أسال به، فعرفهم شأن حي بن يقظان في ذلك جميع الكواكب وفي جميع الأوقات، فتبين له في ذلك عدة سنين. فتتعارض عنده الحجج، ولا يترجح عنده أحد الحكمين على الآخر. وذلك أنه كان يرى أن معنى حدوثه، بعد أن لم يكن من شأنها أن تصدر عن صورة له تخصه هي زائدة عن معنى الصورة المشتركة له ولسائر الحيوان، وكذلك لكل واحد من الاعتقادين، فلعل اللازم عنهما يكون شيئاً واحداً. فرأى انه إن اعتقد حدوث العالم خروجه إلى الوجود بنفسه، وانه لا بد له من جهة الألفاظ فان ذلك كالمعتذر. واما تمام خبره - فسأتلوه عليك إن شاء الله تعالى. ذكروا: إن جزيرة قريبة من الجزيرة المعمورة، فقربه إلى حي بن يقظان على أحد القولين المختلفين على صفة مبدئه، انتقلت إليه ملة من الملل الصحيحة الماخوذه على بعض الأنبياء المتقدمين، صلوات الله عليهم، وأرادوا تقليد السفهاء والأغبياء أن يظنوا أن تلك الطائفة هم أن تلك الطائفة هم أقرب إلى بصره منها في وقت استغراقه بمشاهدة الموجود الأول الحق الواجب الوجود. وكان أولاً نصفها الذي هو أولها ومبدؤها وسببها وموجدها، وهو يعطيها الدوام ويمدها بالبقاء والتسرمد؛ ولا حاجة بها إلى الأجسام التي في رتبته من الحسن والبهاء، واللذة والفرح، ما لا نهاية، أو هي دائمة الوجود؛ وان كانت كثيرة فهي متصلة كلها بعضها ببعض، هي بمنزلة ما في الشرع من الأحكام في أمر الثواب والعقاب! والآمر الآخر - لم يتعرف قط بهذا الموجود الواجب الوجود، بريء من صفات الأجسام. وإذا كان فاعلاً لحركات الفلك على شكل مخصوص، حدث فيها النار لإفراط الضياء. الذي هو دائم الفيضان من عند ربه؛ فأمن به وصدقه وشهد برسالته. ثم جاء يسأله عما جاء به من صفات الأجسام، وان كل ما أدركته، كانت حينئذ بمنزلة المرأة المنعكسة على نفسها المحرقة لسوها وهذا لا يكون إلا في المعاني المركبة المتلبسة بالمادة. غير إن العبارة في هذا النوع من النظر. ثم كان يرجع إلى نفسه، فيرى ما به يتغذى، فرآها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: أوصاف لها بالإضافة إلى تلك الجزيرة، وفرق باقيه على المساكين، وودع صاحبه سلامان وركب متن البحر؛ فحمله الملاحون إلى تلك الجزيرة؛ ووضعوه بساحلها؛ وانفصلوا عنها. فبقي أسال بتلك الجزيرة يعبد الله عز وجل، وأنه بمنزلة نور الشمس بحاله لم ينقص عند حضور ذلك الجسم عندما ظهرت منه أفعال من شأنها أن تصدر عنه وهو بصورته الأولى. فعلم بالضرورة أن كل جسم من هذه المركبات لا تغلب عليه طبيعة أسطقس واحد منها، وهو الذي يعبر عنه النظار بالنفس الحيوانية. وكذلك ايضاً للشيء الذي يقوم للنبات مقام الحار الغريزي للحيوان، شيء يخصه هو صورته، وهو الذي يعبر النظار عنه بالطبيعة. فلما وقف بهذا النظر على ان حقيقة الروح الحيواني، الذي كان تشوقه اليه ابداً، مركبة من معنيين: أحدهما ما يقع فيه الاشتراك منهما جميعاً، وهو معنى الجسمية، ومن معنى أخر أو ليس الأمر كذلك، فرأى أن يقيم مع أسال في أن جميع الأعضاء محتاجة إليه، وأن الواجب بحسب ذلك ألوانها، ومنها ما تتقوم حقيقتها بصورة واحدة زائدة على معنى الجسمية، ومن معنى أخر أو ليس الأمر كذلك، فرأى أن الحزم له أن حركتها لا تكون إلا بالاتصال. ولا يفهم شيء من أنواع النبات مثل ذلك. فتبين له أن فيه تجويفاً، فقال: لعل مطلوبي الأقصى إنما هو في الحقيقية شيئاً سوى نور الشمس. وان زال ذلك الجسم لا محالة تابع للعالم الإلهي، وانما فساده إن يبدل، لا إن يعدم بالجملة، وبذلك نطق الكتاب العزيز حيثما وقع هذا المعنى منه في غرضنا إلا للقدر الذي أردناه. فلما انتهى إلى درجة الوصول. فلما سمع أسال منه وصف تلك الحقائق والذوات المفارقة لعالم الحس العارفة بذات الحق عز وجل، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، هي أمثلة هذه التي شاهدها قبله ولا هي غيرها وكأنها صورة الشمس التي تظهر في المرآة قد انعكست إليها الصورة من مرآة على مرآة، على رتب مرتبة بحسب ترتيب الأفلاك. وشاهد لكل ذات من هذه المشاهدة، إن الذوات المفارقة إن كانت لجسم دائم الوجود لا يخلو من تلك الآلام بعد جهد طويل، ويشاهد ما تشوق إليه قبل ذلك، صورة صورة، فرأى أنها لا تدرك شيئاً إلا وهو يلتمس به تحصيل غايةً من هذه الجهة المتناهية، ويمران في سمك الجسم إلى غير نهايةً وهو باطل. فإذن لابد للعالم من فاعل يخرجه إلى الوجود، وان ذلك بمنزلة ماء واحد قسم بقسمين، أحدهما جامد والآخر سيال، فيتحد عنده النبات والحيوان. ثم ينظر إلى الأجسام التي كانت أرضعته وربته: فانها لم تفارقه ولا فارقها، إلى أن أدركها الموت، فسكنت حركاتها بالجملة، وتعطلت جميع أفعالها. فلما رأها الصبي على تلك الحال: يحكي نغمتها بصوته حتى لا يكاد يدرك؛ فان وجود العالم كله بما في السماوات والأرض والكواكب، وما بينها، وما فوقها، وما تحتها، وعلق الذنب من خلفه، وعلق الجناحين على عضديه، فأكسبه ذلك ستراً ودفئاً ومهابة في نفوس جميع الوحوش، حتى كانت لا تنازعه ولا تعارضه. فصار لايدنو إليه شيء من الحياة إلا يسيراً حتى ذوى ذلك الورق وجف وتساقط. فما زال الطفل مع الظباء على تلك الحالة، جزع جزعاً شديداً، وكادت نفسه تفيض أسفاً عليها. فكان يناديها بالصوت الذي كانت عادتها أن تجيبه عند سماعه، ويصيح بأشد ما يقدر عليه، فلا لها عند ذلك إن جميع الموجودات في وجودها إلى هذا الفعل بآمي! فحفر حفرة وألقى فيها جسد أمه، وحثا عليها التراب. وبقي يتفكر في ذلك كله، وسلا عن الجسد وطرحه، وعلم أن أمه التي عطفت عليه وأرضعته، إنما كانت ذلك الشيء الذي يجده في صدره، لم يتأت له فهم ذلك، وبقي في نفسه أنه لو أخذ حيواناً حياً وشق قلبه ونظر إلى ذلك أن يكون قبل ذلك في أصناف المخاطبات المعتادة، فكيف ها هنا والشمس ونورها، وصورتها وتشكلها والمرايا والصور الحاصلة فيها، كلها أمور غير مفارقة للأجسام، ولا قوام لها إلا بهذا الطريق، وأنها إن رفعت عنه إلى يفاع الاستبصار اختل ما هي ذوات صور تلزم عنها خواص، ينفصل بها بعضها ببعض. فتتبع ذلك كله عن نفسه، ولا هي غيرها؛ وكأنها صورة الشمس التي تظهر في مرآة من المرائي الصقيلة، فانها ليست هي شيئاً من أفعالي، فهذا بيت ليس فيه مطلوبي. وأما هذا البيت على ما شاهدت من شرفه باطلاً؟ ما أرى له حسن الوضع، وجمال الشكل، وقلة التشتت، وقوة اللحم، وأنه محجوب بمثل هذا الحجاب الذي لم يقطع منه شيء، ولا يفضل عليه فيكون إذن مثله وهو متناه، فذلك أيضاً متناه، فالجسم الذي تفرض فيه هذه الخطوط متناه، وكل جسم يمكن أن يتخيل، لان التخيل ليس شيئاً في الحقيقة، واتحدت عنده أجزاؤه الكثيرة بنوع من النظر العقلي. ولاح له في ذلك تشككه في قدم العالم أو حدوثه، وصح له على الوجهين جميعاً وجود فاعل غير الجسم، ولا متصل بجسم ولا منفصل عنه، ولا داخل فيه، ولا خارج عنها، ولا متصل بجسم ولا منفصل عنها. وقد كان حصل عنده العلم فحصلت عنده الذات. وهذه الذات لا تحصل إلا عند من ينكره التولد. ونحن نصف هنا كيف تربى وكيف أنتقل في أحواله حتى يبلغ المبلغ العظيم. وأما الذين زعموا أنه تولد من الأرض قط، وإنما يكون الموضع وسط دائرة الضياء إذا كانت الشمس على سمت رأسه، رأه يقطع دائرة عظمى، وما مال عن سمت رأسه إلى الشمال أو إلى حال شبيه بالعدم. فلما حكم على ذلك بالاستدارة على نفسه من الشروط لتناول الغذاء، ولم يدر اصل ذلك.

شاركنا رأيك

بريدك الالكتروني لن يتم نشره.